الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"إيكونومست": فشل استراتيجية أمريكا لاحتواء الصين اقتصاديا

  • Share :
post-title
الحرب التجارية بين الصين وأمريكا - تعبيرية - إيكونومست

Alqahera News - محمد البلاسي

قواعد جديدة تطبق من أجل مراقبة الاستثمارات، التي يقوم بها القطاع الخاص في الخارج، هكذا أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أحدث سلاح له في حرب أمريكا الاقتصادية مع الصين، ومن ضمن القواعد الجديدة، حظر تصدير أكثر التقنيات حساسية إلى الصين، وبحسب مجلة "إيكونومست" البريطانية، فإن استخدام مثل هذه القيود من قبل أقوى بلد للرأسمالية في العالم، هو أحدث علامة على التحول العميق في السياسة الاقتصادية الأمريكية التي تكافح اقتصاديًا مع صعود منافس يهددها بشكل متزايد.

العولمة والأمن القومي الأمريكي

لعقود من الزمان كانت أمريكا تدعو إلى عولمة التجارة ورأس المال، ما جلب فوائد هائلة من حيث الكفاءة وخفض التكاليف للمستهلكين، ولكن في عالم اليوم لم تعد الكفاءة وحدها كافية، وفي أمريكا، وعبر الغرب، يؤدي صعود الصين إلى إبراز أهداف أخرى، ومن المفهوم أن المسؤولين الأمريكيين يريدون حماية الأمن القومي، من خلال تقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا المتطورة التي يمكن أن تعزز قوتها العسكرية، وبناء سلاسل إمداد بديلة، بحسب المجلة البريطانية.

خطوات أمريكية متعاقبة

أضافت المجلة البريطانية أن نتيجة القلق الأمريكي هي زيادة نطاق التعريفات الجمركية ومراجعات الاستثمار وضوابط التصدير الموجهة إلى الصين، أولًا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، والآن في عهد بايدن، كما سافرت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، إلى دلهي وهانوي للترويج لفوائد "تكوين صداقات"، في إشارة لرؤساء الشركات بأن الابتعاد عن الصين سيكون من الحكمة، لكن عواقب هذا التفكير الجديد واضحة الآن، ولسوء الحظ، فإنه لا يوفر المرونة ولا الأمن، وأصبحت سلاسل التوريد أكثر تشابكًا وإبهامًا لأنها تكيفت مع القواعد الجديدة، كما أن اعتماد أمريكا على المدخلات الصينية المهمة لا يزال قائمًا والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن السياسة كان لها تأثير ضار دفع حلفاء أمريكا إلى الاقتراب من الصين.

تقلص التعاون التجاري بين واشنطن وبكين

ويكون كل هذا بمثابة مفاجأة، لأن السياسات الجديدة تبدو للوهلة الأولى وكأنها تحقق نجاحًا ساحقًا، فالروابط الاقتصادية المباشرة بين الصين وأمريكا آخذة في التقلص، وفي عام 2018، جاء ثلثا الواردات الأمريكية من مجموعة من الدول الآسيوية التي تنتج منتجات "منخفضة التكلفة" أي الصين؛ وفي العام الماضي كانت النسبة تزيد قليلًا على النصف، وبدلًا من ذلك، اتجهت أمريكا نحو الهند والمكسيك وجنوب شرق آسيا.

في عام 2016، استثمرت الشركات الصينية 48 مليار دولار في أمريكا، وبعد 6 سنوات، تقلص الرقم إلى 3.1 مليار دولار فقط، ولأول مرة منذ ربع قرن، لم تعد الصين واحدة من أفضل ثلاث وجهات استثمارية لمعظم أعضاء غرفة التجارة الأمريكية في الصين، وفي الجزء الأكبر من عقدين من الزمن، استحوذت الصين على نصيب الأسد من مشروعات الاستثمار الأجنبي الجديدة في آسيا، وفي العام الماضي تلقت أقل من الهند أو فيتنام.

الهيمنة الصينية

ورغم كل ما سبق فإن اعتماد أمريكا على الصين لا يزال كبيرًا، وربما تعيد أمريكا توجيه طلبها من الصين إلى دول أخرى، لكن الإنتاج في تلك الأماكن يعتمد الآن على المدخلات الصينية أكثر من أي وقت مضى، ومع ارتفاع صادرات جنوب شرق آسيا إلى أمريكا، تزايدت مدخلات واردات واشنطن من المدخلات الوسيطة من الصين، كما تضاعفت صادرات الصين من قطع غيار السيارات إلى المكسيك، دولة أخرى استفادت من سياسة خفض المخاطر الأمريكية، خلال السنوات الخمس الماضية، وتوصلت الأبحاث التي نشرها صندوق النقد الدولي إلى أنه حتى في قطاعات التصنيع المتقدمة، وتحرص أمريكا على الابتعاد عن الصين، فإن الدول التي حققت أكبر تقدم في السوق الأمريكية هي تلك التي لها روابط صناعية أقرب إلى الصين، أصبحت سلاسل التوريد أكثر تعقيدًا، وأصبحت التجارة أكثر تكلفة لكن هيمنة الصين غير منقوصة.

أساليب التحايل وفشل الاستراتيجية الأمريكية

وكشفت المجلة أنه في بعض الحالات، يتم إعادة تغليف البضائع الصينية وإرسالها عبر دول ثالثة إلى أمريكا، وفي نهاية عام 2022، وجدت وزارة التجارة الأمريكية أن أربعة من موردي الطاقة الشمسية الرئيسيين المتمركزين في جنوب شرق آسيا كانوا يقومون بمعالجة ثانوية للمنتجات الصينية، بحيث كانوا يتحايلون على التعريفات الجمركية على السلع الصينية، وفي مجالات أخرى، مثل المعادن الأرضية النادرة، تواصل الصين تقديم مدخلات يصعب استبدالها.

إذًا، فإن الكثير من عمليات الفصل الاقتصادي بين البلدين "زائفة"، والأسوأ من ذلك، من وجهة نظر الرئيس بايدن، أن استراتيجيته تعمل أيضًا على تعميق الروابط الاقتصادية بين الصين والدول المصدرة الأخرى، وبذلك، فإنه يضع مصالحهم بشكل عكسي ضد مصالح أمريكا.