الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تراجع اقتصاد الصين.. ركود مفاجئ يؤثر على العالم

  • Share :
post-title
تراجع نمو الصين - تعبيرية

Alqahera News - محمد البلاسي

قبل ثمانية أشهر فقط كان من المتوقع أن يعود الاقتصاد الصيني إلى معدلات النمو الطبيعية، وبخاصة بعد أن تخلت الحكومة الصينية عن سياسة "صفر كوفيد"؛ وسمح للمتسوقين والسياح في البلاد بالتجول بحرية، إلا أن الانتعاش الاقتصادي المأمول تلاشى.

الاقتصاد الصيني سقط في انكماش طويل الأمد

وبحسب مجلة إيكونومست البريطانية، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين، الذي توقع بعض الاقتصاديين أن يصل إلى معدل سنوي قدره 10% في الربع الثاني من العام الحالي، لم يحقق إلا أرقامًا تزيد قليلا عن 3%، ما يعني سقوط الاقتصاد الصيني في هوة الانكماش، وكان الرد الرسمي هو أن الأزمة العقارية التي تسير من سيئ إلى أسوأ، من الأسباب التي أثارت المخاوف من حدوث انكماش طويل الأمد.

اقتصاد الصين يؤثر على العالم بأسره

أضافت المجلة البريطانية أن ما يحدث في ثاني أكبر اقتصاد في العالم يهم الجميع، ولأن الصين دولة كبيرة، فإن ظروفها الاقتصادية المتغيرة يمكن أن تؤثر على أرقام النمو الاقتصادي العالمي، لكن تباطؤ اقتصاد الصين يؤثر أيضًا بشكل مباشر على آفاق البلدان الأخرى، فمواطنو وشركات دول العالم سوف يشترون سلعًا وخدمات بقدر أقل مما كانت تشتريه من المنتجين الصينيين، وسوف يتحمل منتجو هذه السلع وغيرهم من المستهلكين عواقب إضافية، وفي بعض الأماكن سوف تشكل الصعوبات التي تواجهها الصين مصدرًا للخسائر، وفي أماكن أخرى قد تشكل مكاسب.

تأثر المصدّرين بأزمة الصين

تابع التقرير أن مصدري السلع الأساسية يتأثرون بشكل خاص بالتباطؤ الاقتصادي في الصين، إذ تستهلك البلاد ما يقرب من خُمس النفط العالمي، ونصف النحاس والنيكل والزنك، وأكثر من ثلاثة أخماس خام الحديد، وسوف تعني المشكلات العقارية في الصين أنها ستحتاج إلى كميات أقل من هذه المواد، وسيكون ذلك بمثابة ضربة قوية لدول تصدّر النحاس والفحم والحديد والمعادن الأخرى إلى الصين، وفي 22 أغسطس، أعلنت شركة بي إتش بي، وهي شركة أسترالية وأكبر شركة تعدين في العالم، عن أدنى أرباح سنوية لها منذ ثلاث سنوات، وحذّرت من أن جهود التحفيز التي تبذلها الصين لم تنتج تغييرات على أرض الواقع.

ركود اقتصاد ألمانيا ومبيعات تسلا

تشمل نقاط الضعف في الغرب ألمانيا، إذ يعد الطلب المتعثر من الصين أحد الأسباب وراء ركود اقتصاد البلاد في الآونة الأخيرة، كما أن بعض الشركات الغربية معرضة للخطر من خلال اعتمادها على أنشطة الاعمال في الصين، وعلى سبيل المثال، في عام 2021، حققت أكبر 200 شركة متعددة الجنسيات في أمريكا وأوروبا واليابان 13% من مبيعاتها في الصين، وحققت أرباحًا بلغت 700 مليار دولار، ولا تزال شركة تسلا، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، أكثر عرضة للخطر، إذ تحقق نحو خُمس مبيعاتها في الصين؛ كما حققت شركة كوالكوم، صانعة الرقائق، نسبة مذهلة من المبيعات، تبلغ الثلثين، في الصين.

وما لم تتزايد نسبة التباطؤ لتتحول إلى أزمة شاملة، فإن الخسائر سوف تظل تتركز في أماكن معينة، وتمثل المبيعات إلى الصين ما بين 4% إلى 8% فقط من إجمالي أعمال جميع الشركات المدرجة في البورصة في أمريكا وأوروبا واليابان، وتصل الصادرات من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا إلى 1-2% من إنتاج كل منها، وحتى في ألمانيا، التي تبلغ حصة صادراتها 4%، فإن سيتطلب توليد توجيه ضربة كبيرة لاقتصادها انهيار كامل للصين.

نمو اقتصادي أمريكي سريع

علاوة على ذلك، تأتي الصراعات التي تواجهها الصين في وقت حيث كان أداء بقية دول العالم اقتصاديا أفضل من المتوقع، وفي يوليو ، قام صندوق النقد الدولي بتعديل توقعاته للنمو العالمي بالزيادة، مقارنة بتوقعاته في أبريل، وكان الأمر الأكثر بروزًا هو الحالة السيئة التي تعيشها الولايات المتحدة، وهي أكبر مستورد في العالم، التي تشير بعض الدراسات الاستقصائية إلى أنها تنمو بوتيرة سريعة تبلغ نحو 6%.

انخفاض الأسعار وتكلفة الاستيراد

وفي ظل ذلك، فإن تباطؤ النمو في الصين لابد أن يوفر بعض الراحة للمستهلكين في العالم، لأنه يعني انخفاض الطلب على السلع الأساسية، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وتكاليف الاستيراد، وهذا بدوره سيسهل المهمة التي يواجهها الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، وقد قامت بنوك مركزية كثيرة بالفعل برفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود من الزمن، ولن يكونوا سعداء بالاضطرار إلى المضي إلى ما هو أبعد من ذلك.

انهيار عقاري.. انخفاض أسعار الأصول.. ارتفاع عملات العالم الغني

وطرحت المجلة البريطانية تساؤلًا عن مدى سوء الأمور في الصين، وفي ظل أسوأ السيناريوهات، قد يتردد صدى الانهيار العقاري في الأسواق المالية العالمية، ووجدت دراسة أجراها بنك إنجلترا في عام 2018 أن "الهبوط الحاد" في الصين، عندما ينخفض النمو الاقتصادي من 7% إلى -1%، من شأنه أن يتسبب في انخفاض أسعار الأصول العالمية وارتفاع عملات الدول الغنية، مع اندفاع المستثمرين إلى اتجاه امتلاك الأصول الأكثر أمانًا، وبشكل عام، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنسبة 1.2%، وعلى الرغم من أن معظم المؤسسات المالية الغربية لديها تأثر قليل نسبيا للصين، إلا أن هناك استثناءات، مثل بنك "إتش إس بي سي" و"ستاندرد تشارترد"، وهما بنكان بريطانيان.

تحول الصين إلى الداخل

وقد يؤدي التباطؤ الأطول أمدًا إلى تحول الصين إلى الداخل، ما يقلل من الاستثمارات والقروض الخارجية، وبعد أن أصبحت أكبر "دائن ثنائي" في العالم في عام 2017، فقد خفّضت بالفعل حجم تمويلها مع تدهور المشروعات، وقد يصبح المسؤولون أكثر انزعاجًا إذا كانوا يكافحون المشكلات داخل الصين، وسيشاهد المراقبون الاحتفالات بمرور عقد من الزمن على "مبادرة الحزام والطريق"، وهي التسمية التي أنفقت الصين بموجبها أموالًا طائلة على الجسور في موزمبيق والموانئ في باكستان.

وجهات نظر متباينة

ومن شأن الصعوبات الحقيقية في الداخل أن تغير أيضًا الطريقة التي يرى بها العالم الصين، وكان النمو السريع، إلى جانب الإقراض السخي، سببًا في تعزيز سمعة البلاد، ووفقًا لدراسة استقصائية حديثة أجراها مركز بيو لاستطلاعات الرأي في 24 دولة، كان لدى شعوب الدول الغنية وجهة نظر غير مؤيدة للصين بشكل عام، وكانت الصورة مختلفة في كثير من بلدان العالم الناشئ، فقد رأى المكسيكيون، والكينيون، والنيجيريون، ومواطنو جنوب إفريقيا، الصين في ضوء أكثر إيجابية، ورحبوا بالاستثمارات الصينية.