الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

قرارات محسوبة.. إلى ماذا انتهت القمة الخامسة عشر لمجموعة "بريكس"؟

  • Share :
post-title
قادة وممثلي الدول المؤسسة لبريكس

Alqahera News - رضوى محمد

عُقدت القمة 15 لتجمع "بريكس" في جوهانسبرج بجمهورية جنوب إفريقيا خلال الفترة من 22 إلى 24 أغسطس الجاري، بحضور أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة، تحت شعار" بريكس وإفريقيا: الشراكة من أجل النمو السريع والمستقر"، وقد أسفرت القمة عن الكثير من النتائج الهامة التي تعمل على تعميق التعاون بين دول مجموعة "بريكس"، بالإضافة إلى قرارات توسيع العضوية، بقبول عضوية 6 أعضاء على رأسهم مصر، كما تم التوصل إلى إعلان جوهانسبرج؛ لتعزيز العمل من أجل سلام عالمي.

وفي ضوء ما سبق يتناول هذا التحليل التعرف على القرارات التي توصلت إليها القمة، مع توضيح انعكاسات هذه القرارات على التجمع والدول الجدد.

قرارات محسوبة

اتخذت القمة الخامسة عشرة لتكتل "بريكس"، مجموعة من القرارات الهامة التي ستؤثر على المسار المستقبلي لتجمع" بريكس"، ومن هذه القرارات ما يلي:

(*) توسيع عضوية البريكس: توصلت الدول الخمس إلى اتفاق حول المعايير والإجراءات المطلوبة لتوسيع البريكس، والذي سيكون على مراحل عدة، فالمرحلة الأولى تتضمن دعوة 6 دول كاملي العضوية في "بريكس"، وهي كل من مصر والسعودية والإمارات والأرجنتين وإثيوبيا وإيران، على أن تبدأ عضويتهم في الأول من يناير 2024، فيما ستستمر المجموعة في العمل مع شركاء "بريكس+"، وهو ما سيُحقق قوة اقتصادية كبيرة لتجمع "البريكس" في تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء وبلورة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

أعلام الدول أعضاء بنك التنمية الجديد

(*) تشكيل مجموعة عمل لاعتماد عملة مشتركة: أشار رئيس البرازيل "لويس إيناسيو لولا دا سيلفا"، إلى أنه تم تشكيل مجموعة عمل لاعتماد عملة مشتركة بين دول "بريكس"، ففي هذا الصدد وجه قادة البريكس، وزراء ماليتهم ومحافظي البنوك المركزية للنظر في مسألة التبادل بالعملات الوطنية والأدوات المختلفة للدفع المرتبطة بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء.

كما أشار الرئيس الروسي" فلاديمير بوتين" إلى أن البريكس ستتوسع في استخدام العملات الوطنية في الهيئات الجمركية؛ لتحقيق الاستقرار في الأنظمة المالية العالمية.

(*) خلق منطقة تجارة حرة: يسعى التكتل إلى خلق التعددية وإقامة منطقة تجارية حرة، وهو ما تم الإشارة إليه خلال جلسة "بريكس +"، وهو ما سيعمل على دعم الاتصالات مع الدول الإفريقية، فالهند لا تزال توسع تعاونها التجاري مع إفريقيا، وتقديم الخدمات الجيدة في إفريقيا التي تكون قادرة على منافسة متساوية مع المنتجات والخدمات من القوى المتنافسة الأخرى، وهو الأمر الذي سيزداد على مستوى جميع الدول الأعضاء عند إنشاء هذه المنطقة الحرة.

(*) مساعدة الدول النامية: يعمل التكتل على تعزيز التعاون مع الدول النامية، إذ أشار رئيس الصين "شي جين بينج"، إلى إنشاء صندوق بقيمة 4 مليارات دولار لمساعدة الدول النامية، وستزداد قيمته إلى 10 مليارات دولار في السنوات المقبلة، كما أشار إلى ضرورة مساعدة الدول المتطورة لدول العالم النامي، خاصة في تحفيز تمويل أنظمة التكيف المناخي، إذ تم الإشارة إلى أن دول " بريكس" يجب أن تُقدم الدعم للجنوب العالمي لدعم أجندة المناخ لمصلحة التقدم العالمي، وأن الانبعاثات الكربونية لابد أن تتحملها الدول الاستعمارية السابقة، مع ضرورة الالتزام بـ"اتفاقية باريس 2015" في هذا الشأن.

(*) زيادة التعاون مع القارة الإفريقية: تسعى دول "بريكس" إلى توسيع الاستثمارات على كافة المجالات في إفريقيا وتعزيز التعاون الإفريقي، كما سيدعم كل من رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ورئيس البرازيل دا سيلفا، العضوية الدائمة للاتحاد الإفريقي داخل مجموعة العشرين.

يضاف إلى ذلك الدعم الروسي لإفريقيا، إذ أشار الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إلى ضخ روسيا العديد من الموارد داخل القارة الإفريقية، مع تقوية العلاقات في كافة المجالات، وكما ستعمل على ضخ الأسمدة في الأسواق العالمية، وضخ من 25 إلى 50 ألف طن متري من الحبوب إلى الدول الإفريقية، بالإضافة إلى الالتزام بتصدير الوقود الروسي الذي سيساعد إفريقيا على احتواء ارتفاع الأسعار، كما تطرق بوتين إلى تنفيذ العديد من المشروعات المختلفة في القارة، ففي مصر تساهم موسكو بإنشاء محطة طاقة نووية بالضبعة، ومنطقة صناعية بقناة السويس، إذ ستعمل هذه العلاقات بين دول "بريكس" والقارة الإفريقية على مواجهة التحديات المختلفة في القارة وخاصة مشكلة الديون، والتي سيتم انحسارها من خلال تسهيل الحصول علي القروض من بنك التنمية الجديد والصندوق بأسعار فائدة بسيطة.

(*) إنشاء لجنة خاصة بالنقل: أشار الرئيس الروسي إلى أن بلاده عملت على إطلاق مشروع لطريق تجاري يمتد من روسيا وحتى المحيط الهادئ، ومن هنا جاء اقتراح إنشاء هذه اللجنة، التي تعمل على هذا المسار "جنوب-شمال" ودعم اللوجستيات المحلية والدولية، فمن المفترض أنه عند التوصل للاتفاق حول هذه اللجنة، أن تترأسها موسكو في عام 2024، وهو ما يُحقق انسيابية كبيرة في معدلات التجارة بين الدول الأعضاء في التكتل.

مستقبل البريكس

إن قرارات توسيع العضوية التي اتخذتها القمة، ستنعكس بشكل إيجابي على مستقبل التكتل؛ نظرًا لمجموعة من العوامل وهي:

(&) حجم اقتصادات الأعضاء الجدد: يتضح من الشكل رقم (1) ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للدول المُنضمة إلى التكتل، إذ يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لمصر 477 مليار دولار، بالإضافة إلى حجم الاقتصادين السعودي والإماراتي، إذ يبلغ حجم الناتج 1,108 تريليون دولار للسعودية، و507,53 مليار دولار للإمارات، وهو ما سيُحقق قوة اقتصادية كبيرة لتجمع البريكس، إذ سيعمل التوسع في العضوية على زيادة ناتج التكتل بقيمة 3.2 تريليون دولار، ليصبح الناتج المحلي لتكتل "بريكس+" بقيمة 29.1 تريليون دولار.

وعلى الجانب الآخر ستستفيد اقتصادات هذه الدول من انضمامها إلى تكتل البريكس من المشروعات المختلفة في البنية التحتية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن يتدفق لمصر العديد من الاستثمارات في المجالات التكنولوجية والزراعية والصناعية بشكل كبير بعد الانضمام رسميًا إلى التكتل.

شكل (1) يوضح الناتج المحلي الإجمالي للدول الجدد في تكتل بريكس في ديسمبر 2022

(&) تعداد سكاني كبير: يُمثل التعداد السكاني الكبير للأعضاء الجدد، نقطة قوة للتكتل من ناحية زيادة تمثيله لسكان العالم، إذ يبلغ عدد سكان مصر 110.9 مليون نسمة، و123.4 مليون نسمة في إثيوبيا، ونحو 46.2 مليون نسمة في الأرجنتين، و9.5 مليون نسمة في الإمارات و32.2 مليون نسمة في السعودية، وقرابة 85 مليون نسمة في إيران، وهو ما يعني زيادة سكان التكتل بحوالي 407.2 مليون نسمة، هو ما سينعكس على التجمع في توفير سوق ضخم لمنتجات الدول الأعضاء، كما سيساعد الدول الجدد على استثمار السكان في بلادهم بنحو يُفيد اقتصادهم، وخاصة مع سياسات تمكين الشباب التي يتبعها تكتل البريكس، والتي ستعمل على تخفيض معدلات البطالة في الدول الأعضاء.

(&) توفير سوق استثماري: تتميز الدول الجدد في التكتل، وعلى رأسها مصر، بسوق استثماري كبير، إذ طبقت مصر العديد من مشروعات البنية التحتية التي عملت على تدفق العديد من الاستثمارات داخل الدولة، بالإضافة إلى سياسات الدول الأخرى خاصة الإمارات والسعودية في مجال الاستثمار، وهو ما سيدعم أهداف التكتل في تعزيز الاستثمارات المختلفة بين الدول الأعضاء، الأمر الذي سيُحقق المنفعة الاقتصادية لجميع الدول في التكتل، ويُحقق العديد من التدفقات الأجنبية إليها، بما يُحسن ميزان مدفوعات هذه الدول.

ومن هنا يُمكن القول إن انضمام مصر للبريكس رسميًا في يناير 2024، سيُحقق العديد من العوائد الاقتصادية للدولة المصرية، التي تتمثل في زيادة الاستثمارات الموجهة إليها، وتوفير النقد الأجنبي، نتيجة القرار الخاص بإنشاء مجلس لاعتماد عملة مشتركة بين دول التجمع، وهو ما سيحد من الطلب على الدولار في مصر، بالإضافة إلى ذلك سيُحقق الانضمام للتكتل، انتعاشا كبيرا في حجم التجارة الخارجية، من خلال زيادة الصادرات إلى الدول الأعضاء وتقليل فاتورة الواردات، وهو ما يُحقق تحسن في ميزان المدفوعات المصري.

وفي النهاية؛ يتضح أن أحد أكبر مكتسبات القمة الخامسة عشر هي انضمام أعضاء جدد، وعلى رأسها جمهورية مصر العربية، الأمر الذي سيُحدث انتعاشًا كبيرًا على مستوى القارة الإفريقية، باعتبار أن مصر دولة رائدة لجهود التنمية والتكامل الاقتصادي بالقارة الإفريقية، وهو ما يعكس ثقة الدول الخمس الكبرى للبريكس في الاقتصاد المصري وقوته، وعلى الجانب الآخر فإن القرارات الاقتصادية الهامة التي نتجت عن القمة ستعمل على تعظيم العوائد الاقتصادية لجميع الدول الأعضاء في التكتل.