ما بين لبنان وسوريا ومصر تشكّلت موهبة الفنانة فايزة أحمد، ليسطع نجمها في عالم الغناء، لكن لم يكن طريقها مفروشًا بالورود، فواجهت رفضًا في بداية مشوارها عند تقدمها لإذاعة دمشق، لكنها أصرت على حلمها، وإظهار موهبتها للعالم لتمنحها إذاعة حلب فرصتها الأولى وتغني بها، وبالفعل حققت نجاحًا كبيرًا وذاع صيتها لتطلبها إذاعة دمشق بعد أن رفضتها، ومن هنا بدأت رحلتها في احتراف عالم الفن.
رغم مرور نحو 40 عامًا على وفاة فايزة عام 1983، إلا أن أغانيها ما زالت خالدة في القلوب، ويتوارثها الأجيال، حتى الآن، وفي ذكرى ميلادها اليوم 5 ديسمبر، نحتفل بكروان الشرق وبما قدمته من عطاء للفن المصري والعربي، حيث ولدت فايزة في لبنان وعاشت بسوريا، واشتهرت في مصر، لتدخل قلوب كل العالم العربي.
دويتو محمد سلطان
شكّل الموسيقار الراحل محمد سلطان، حالة استثنائية في حياة فايزة أحمد، ليرتبط بها كزوج وموسيقار لحن لها عددًا كبيرًا من أغانيها، تسرد فايزة كواليس لقاءها الأول بزوجها "سلطان"، لتقول في أحد لقاءاتها التليفزيونية: "حالة من الراحة والسعادة أعيشها مع محمد سلطان، لذلك زاد وزني من 48 إلى 63 كيلو، فكان أول لحن عاطفي قدمه لي أغنية "أؤمر يا قمر أمرك ماشي"، ومن قبلها أغنية وطنية يقول مطلعها "هات الفل على الياسمين ورش الفل على الصفين"، ثم توالت بعد ذلك الألحان مثل "شارع الأمل"، "قاهرتي"، "جيالك"، "اعتراف"، "بنتي أمورة"، "الأيام"، وغيرها.
التنوع في الألحان
كان محمد الموجي أول من أعطى لها الفرصة وقدمت معه أغاني كثيرة، مثل "أنا قلبي ليك ميال"، " ياما القمر على الباب"، "حيران"، " يا حبيبي يا قمر"، وغيرها لتصفه بقولها: "الموجي فنان عظيم وغزير في موسيقاه".
حرصت فايزة أحمد على التعاون مع ملحنين آخرين، حيث قالت في لقاء لها: "رغم أن سلطان قدّم لي ألحانًا كثيرة، لكنني كنت حريصة على التنويع والتعاون مع ملحنين آخرين، مثل رياض السنباطي وكمال الطويل".
اهتمام محمد عبد الوهاب
على الرغم من أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لحن لها أشهر أغانيها، منها "ست الحبايب" التي نحرص على سماعها دائمًا، لكنها كانت تشكو من إهماله لها وعدم اهتمامه بها، قائلة في لقاء تليفزيوني: "أشعر أن محمد عبد الوهاب يختار كلمات صعبة لأُغنيها وأبذل مجهودًا كبيرًا لأُنجح الأغنية، فلا أعرف ما السبب في إهماله لي، رغم أنه مثلي الأعلى واعتبره أله الفن، وأحببت الغناء من صوته".
تضيف فايزة: "قدم عبد الوهاب أغنيات كثيرة لي مثل "حمال الأسية" و"بريئة" و"خاف الله" و"تهجرني بحكاية" وأغنية "هان الود" التي قام بغنائها أولا ثم أعطاها لي لأغنيها، ولكني اعتبر أغنية "ست الحبايب" من أجمل ما قدّم لي، والتي ستعيش كثيراً، وكنت أول من قدم أغنية للأم".
موت ابنتها
رغم الدفء الذي يحمله صوت فايزة، لكن الحزن سكن قلبها وملأ عيونها، وهو ما كانت تحاول أن تخفيه بضحكة على شفتيها، على الرغم من الشهرة والنجومية التي حققتها، لكن غصة سكنت قلبها بسبب ابنتها الوحيدة، فبدأت القصة عندما علمت بحملها، ورغم سعادتها إلا أن زوجها الدمشقي أطفأ فرحتها بمحاولته إجبارها على الإجهاض، ورفضت طلبه وأصرت على الحفاظ على حياتها، ومع محاولاتها الحثيثة ولكن كان للقدر رأي آخر بعد أن خطف الموت صغيرتها في عمر الـ6 أشهر من ولادتها، وهو ما ترك ندبة في قلبها ظلت تعيش بها طول عمرها.
سافرت فايزة إلى القاهرة وطرقت باب الإذاعة المصرية للغناء فيها، ليعرفها الجمهور المصري من خلالها ويتردد اسمها على الساحة، وقدمت أغنية "أنا قلبي ليك ميال" مع محمد الموجي، خصيصًا لابنتها في حين أعتقد الكثيرون أنها توجه كلامها لحبيبها، لكنها كشفت في لقاء لها أن هذه الأغنية تقصد بها ابنتها الوحيدة، التي كانت حاملًا فيها أثناء تسجيل الأغنية.
رد الجميل
ارتبطت فايزة بمصر وكان لها نصيب الأسد من أغانيها، كرد جميل منها بعد أن أنصفتها وفتحت لها باب الشهرة، ومنحتها الجنسية المصرية، بعد أن تركت سوريا لتعيش في القاهرة، فكان من بين الأغاني الوطنية التي قدمتها "بحبك يا مصر"، "سلم لي على مصر"، و"يا مصر الحب".
التمثيل
اتجهت فايزة أحمد للتمثيل وهو ما أضفى شهرة ونجومية لها وشاركت في 7 أفلام، غنت فيهم مثل "تمر حنة" مع رشدي أباظة ونعيمة عاكف، وأيضًا فيلم "أمسك حرامي" و"ليلى بنت الشاطئ"، لتسدل مشوارها السينمائي عام 1963، بفيلم "منتهى الفرح" وهو عمل غنائي شارك فيه نجوم الغناء، مثل محمد عبدالوهاب وصباح وفريد الأطرش وغيرهم.
