الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحقيق لـ"سي إن إن" يؤكد: الاحتلال يتعمد منع المساعدات عن سكان غزة

  • Share :
post-title
الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تجويع الفلسطينيين في غزة

Alqahera News - محمود غراب

أكد تحقيق أجرته شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض معايير تعسفية ومتناقضة لعرقلة وصول المساعدات الإنسانية على المدنيين في قطاع غزة المحاصر.

ونقلت الشبكة عن العاملين في المجال الإنساني والمسؤولين الحكوميين، الذين يعملون على إيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة، إن "نمطًا واضحًا" ظهر من "العرقلة" الإسرائيلية، إذ تسيطر الأمراض والمجاعة على القطاع المحاصر.

وسلطت الشبكة الضوء على المعايير "التعسفية والمتناقضة" التي فرضتها الوكالة الإسرائيلية المشرفة على إيصال المساعدات، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، لغزة، وفقًا لأكثر من 24 مسؤولًا إنسانيًا وحكوميًا قابلتهم "سي. إن. إن".

كما راجعت الشبكة الوثائق التي جمعها المشاركون الرئيسيون في العمليات الإنسانية، والتي تحدد المواد التي يرفضها الإسرائيليون بشكل متكرر. وتبين أنها تشمل أجهزة وآلات التخدير وأسطوانات الأكسجين وأجهزة التنفس الصناعي وأنظمة تنقية المياه.

وتشمل المواد الأخرى "التي انتهى بها الأمر في مأزق بيروقراطي" التمور وأكياس النوم وأدوية علاج السرطان وأقراص تنقية المياه ومستلزمات الأمومة، وفق الشبكة.

ونقلت الشبكة عن مصادر عدة، أن جزءًا كبيرًا من المساعدات التي أشرفوا على تسليمها للجانب الإسرائيلي، تم رفضها أو احتجازها لفترة طويلة.

وقال أحد المصادر من المشرفين على التبرعات من أربع منظمات إغاثة مختلفة على أحد طرق العبور للشبكة: "إنها فوضى مهندسة بشكل مثالي". وقال المصدر إن أكثر من 15 ألف طن من إمدادات الإغاثة تنتظر موافقة إسرائيل على دخول غزة، أكثر من نصفها يتكون من مواد غذائية.

وقال مسؤول إنساني كبير آخر لـ"سي إن إن": "إنها غامضة بشكل متعمد، ومبهمة بشكل متعمد.. يمكنك الحصول على تصريح من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، لكن عند الوصول تجد مسؤولي الشرطة أو المالية والجمارك الذين سيعيدون الشاحنة من حيث أتت".

وانتقد المجتمع الدولي إسرائيل مرارًا وتكرارًا لإصدارها تصاريح غير كافية لشاحنات المساعدات إلى غزة، وكانت هناك أيضًا حالات استهدف فيها الجيش الإسرائيلي شحنات المواد الغذائية.

وقالت جانتي سوريبتو، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة "أنقذوا الأطفال": "لم أرَ قط سلسلة توريد ينبغي أن تكون بمنتهى البساطة معقدة إلى هذا الحد.. مستوى الحواجز التي يتم وضعها لعرقلة المساعدات الإنسانية؛ لم نرَ شيئًا مثل ذلك من قبل".

سوريبتو، التي زارت الجانب المصري معبر رفح برفقة الأمم المتحدة، قالت لشبكة "سي. إن. إن"، إنها شاهدت العديد من المواد التي أعادها المفتشون الإسرائيليون في يناير.

وذكرت أن ألعابًا رُفضت لأنها كانت في صندوق خشبي، وليس في صندوق من الورق المقوى، ورُفضت أكياس النوم لأنها تحتوي على سحابات، وأُعيدت الفوط الصحية لأن مقص الأظافر كان ضمن مجموعة أدوات النظافة.

وفي يناير، شاهد عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي كريس فان هولين وجيف ميركلي، مستلزمات الأمومة وأنظمة تنقية المياه من بين المواد التي أعادتها إسرائيل من نقطة التفتيش في معبر نيتسانا.

وقال فان هولين لشبكة "سي. إن. إن" بعد أسابيع من رحلته إلى الجانب المصري من معبر رفح: "لا يمكن في أي عالم عقلاني اعتبار هذه المواد ذات استخدام مزدوج أو أنها تشكل أي نوع من التهديد العسكري".

وأضاف: "لقد علمنا أنه عندما يتم رفض شاحنة تحتوي على مادة واحدة فقط من تلك المواد، يتم إعادة الشاحنة بأكملها ويتعين عليها العودة إلى بداية العملية، الأمر الذي قد يستغرق أسابيع".

وتابع السيناتور الأمريكي قائلًا: "تحدثنا إلى رؤساء منظمات الإغاثة الدولية التي كانت تعمل في صراعات حول العالم منذ عقود.. قالوا إنهم لم يروا نظامًا معطِلًا أكثر من هذا من قبل".

ودفع هذا الوضع فان هولين إلى قيادة جهود الكونجرس الأمريكي لمحاسبة إسرائيل على تعاملها مع المساعدات الإنسانية، والذي وصفه في قاعة مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا الشهر بأنه "كتاب منهجي لجرائم حرب".

وقال مسؤول إغاثي، إنه في إحدى الحالات في 14 فبراير، رفضت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" حمولة شاحنة من أكياس النوم "لأنها كانت باللون الأخضر، والأخضر له معنى عسكري".

ووصفت أربعة مصادر للشبكة واقعة أخرى عندما رفضت إسرائيل شحنة من التمور، وهي مصدر غني بالمواد المغذية التي يحتاجها بشدة السكان الجياع. وقال اثنان منهم إن السبب في ذلك هو أن البذور اعتُبرت كجسم مشبوه خلال الفحص بالأشعة السينية.

ويجب على المساعدات أن تجتاز "عقبتين" وضعتهما "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وفق تعبير الشبكة، إذ يشترط على منظمات الإغاثة أولًا الحصول على تصريح لشحناتها من الوحدة، ثم يجب على الشاحنات اجتياز نقاط التفتيش الإسرائيلية. وتم رفض المساعدات في كلتا المرحلتين، وفقًا لمصادر "سي إن إن".

وقدمت الوحدة الإسرائيلية مجموعة من الأسباب لهذا الرفض، وقالت المصادر إنه في بعض الأحيان تستشهد بقضايا بيروقراطية، مثل بيان غير صحيح، وفي أحيان أخرى تعتبر المواد كليًا أو جزئيًا ذات استخدام مزدوج.

ونقلت الشبكة عن مصادرها أنه يبدو أن بعض الأسباب المقدمة للمنظمات الإنسانية سياسية بشكل واضح، وأنه في معظم الأحيان، لا تقدم "وحدة أعمال الحكومة في المناطق" بتاتًا سببًا للرفض.

وحصلت الشبكة على وثائق من ثلاثة مشاركين رئيسيين في عمليات الإغاثة ذكرت أن "أكثر المواد المرفوضة بشكل متكرر"، من بينها مستلزمات طبية، مثل أدوية وأجهزة التخدير والعكازات ومولدات الكهرباء وأجهزة التنفس الاصطناعي، وأسطوانات الأكسجين.

بالنسبة للأطباء والمرضى داخل غزة، فإن العواقب مؤلمة، وهناك تقارير عديدة عن وفيات بسبب نقص الأكسجين وأجهزة التنفس الصناعي يمكن منعها. وقد خضع أكثر من 1000 طفل لعمليات بتر أرجلهم في غزة، وفقًا لليونيسف، بعضهم من دون تخدير.

كما أثرت القيود الإسرائيلية على الأدوية المخصصة للمرضى المزمنين، وفق ما ذكرته الشبكة، مشيرة إلى أنه لعدة أسابيع، منعت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" مؤقتًا أقلام الأنسولين للأطفال المصابين بالسكري من دخول غزة، وفق ما نقلته "سي. إن. إن" عن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين، جيمي ماكجولدريك، ومصدر آخر.

وقال "ماكجولدريك"، في مؤتمر صحفي يوم 24 يناير: "في ما يتعلق بالسلع المحظورة، فهي مجموعة كاملة، بعضها عبارة عن مواد طبية مثل الأدوية الأساسية ومواد ليس فقط لعلاج الصدمات ولكن أيضًا للأمراض المزمنة".

وأضاف "أحد الأمثلة على ذلك هو الأقلام المستخدمة مؤخرًا للأنسولين للأطفال". "في ما يتعلق بالأساس المنطقي لذلك، لا أستطيع حقًا شرح ذلك؛ لأنني لا أعرف".