الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خوفا من الاعتذار.. بلجيكا ترفض نشر تاريخها الاستعماري

  • Share :
post-title
تمثال المستعمر البلجيكي ليوبولد الثاني في الكونغو – أرشيفية

Alqahera News - أحمد صوان

بينما تقود بلجيكا الكتلة الأوروبية نحو الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين، تحاول بروكسل محو ماضيها الاستعماري الوحشي، عبر منع تقرير عن التاريخ الاستعماري للبلاد من النشر؛ خوفًا من اضطرارها إلى الاعتذار للمستعمرات السابقة، ومنها جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبوروندي، ورواندا.

وبعد عامين من العمل من قِبل لجنة برلمانية بلجيكية، تم إعداد تقرير في وقت سابق من هذا العام، خلص إلى استعراض الماضي الاستعماري، إلى جانب توصيات سياسية بشأن الخطوات التالية التي يجب على البلاد اتخاذها.

وحسب النسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو"، يأتي ذلك على خلفية الانتخابات العامة التي تلوح في الأفق، بينما يرفض السياسيون إزالة الآثار الاستعمارية العديدة التي لا تزال موجودة في جميع أنحاء بروكسل وأماكن أخرى.

إرث الماضي

ظهرت اللجنة البرلمانية إلى حيز الوجود في يونيو 2020 في أعقاب احتجاجات "حياة السود مهمة" في الولايات المتحدة. وقتها، كان من المتوقع أن تتقدم اللجنة توصيات حول أفضل السبل للتعامل مع إرث الاستعمار وكذلك العنصرية والتمييز في البلاد.

وكان ملك بلجيكا فيليب، قد كسر صمت العائلة المالكة بشأن هذا الموضوع في عام 2020 -الذي وافق الذكرى الستين لاستقلال الكونغو- عندما أعرب عن "أسفه العميق" لجراح الماضي الاستعماري و"أعمال العنف والقسوة" التي ارتكبت في ظل الاحتلال البلجيكي.

وبعد عدة سنوات، لا تزال فكرة الاعتذار الرسمي مثيرة للجدل، وكانت في النهاية السبب وراء فشل اللجنة.

فقد اندلعت التوترات مرة أخرى في وقت سابق من هذا العام، بعد أن حاول المشرعون المؤيدون للاعتذار إعادة نشر التقرير؛ بينما عارض النواب من الليبراليين الناطقين بالفرنسية، واليمين المتطرف الفلمنكي (فلامس بيلانج)، والقوميين الفلمنكيين نشره.

وقال بينوا بييدبويف، عضو البرلمان عن الحركة الليبرالية، لصحيفة "لوسوار" البلجيكية: "ما حدث أن اللجنة تم حلها بعد ما فشلنا في الاتفاق على التوصيات، ولا يمكننا نشر تقرير لجنة لم تعد موجودة".

لكن بحسب المؤرخة سارة فان بوردن، التي شاركت في كتابة التقرير الأولي "إذا كانت هناك إرادة سياسية كافية، فيمكنهم إيجاد طريقة لتحقيق ذلك"، مضيفة أن عدم نشر التقرير يمثل "فشلًا سياسيًا عميقًا".

تمثال المستعمر البلجيكي ليوبولد الثاني في ساحة فيرتس – أرشيفية
وحشية استعمارية

بينما وقّع نحو 200 مؤرخ والعديد من السياسيين البلجيكيين على عريضة تطالب البرلمان بنشر التقرير "كانت هذه هي المرة الأولى التي يتعامل فيها برلمان القوة الاستعمارية القديمة مع ماضيها السياسي، وهو ماض مؤلم ومظلم، والأهمية التاريخية واضحة تمامًا"، وفق فوتر دي فريندت، نائب حزب الخضر الذي ترأس اللجنة.

يعتمد التقرير، المكون من 700 صفحة تقريبًا -الذي تم نشر أجزاء منه على الموقع الإلكتروني للبرلمان- على شهادات من نحو 300 أكاديمي ودبلوماسي وشاهد، إضافة إلى زيارات إلى المستعمرات السابقة.

وفي عام 2022، فشل العاملون على التقرير في التوصل إلى إجماع حول فكرة الاعتذارات التي يجب تقديمها للمستعمرات السابقة؛ حيث ادعى البعض أن ذلك كان سيؤدي إلى تعويضات مالية.

وفنّد هذا الادعاء إحدى التوصيات السياسية في ختام التقرير، التي نصت على أن "الاعتراف بدور بلجيكا هو أمر صادق وضروري"؛ ومع ذلك، فإنه لا ينطوي على أي مسؤولية قانونية، وبالتالي لا يمكن أن يؤدي إلى أي تعويض مالي.

وتشمل التوصيات الأخرى -التي يبلغ مجموعها 128 توصية- إنشاء يوم لإحياء الذكرى، وإنشاء مركز للمعرفة، وتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة أسهل للقادمين من بوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا.

لكن في الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي تنشئ فيها بلجيكا لجنة تهدف إلى التعامل مع ماضيها الاستعماري.

فقد كانت اللجنة المعروفة باسم "لجنة لومومبا" من أبرز تلك اللجان، التي خلصت إلى أن بلجيكا كانت "مسؤولة أخلاقيًا" عن اغتيال باتريس لومومبا، أول رئيس وزراء منتخب ديمقراطيًا في الكونغو.