الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

إطلاق عملة جديدة للنيجر ومالي وبوركينا فاسو.. تحرر من الاستعمار أم قرار بالعزلة؟

  • Share :
post-title
مظاهرة مناهضة للاستعمار ضد الفرنك الإفريقي في داكار

Alqahera News - عبدالله علي عسكر

ألمحت دولة النيجر إلى احتمال إنشاء عملة مشتركة مع بوركينا فاسو ومالي، معتبرة أنها خطوة أولى نحو التحرر من إرث الاستعمار، في إشارة إلى الفرنك الإفريقي الموروث عن الاستعمار الفرنسي.

إرث الاستعمار

وقال رئيس المجلس الانتقالي في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تشياني، على شاشة التلفزيون الوطني: "العملة هي خطوة أولى نحو التحرر من إرث الاستعمار"، في إشارة إلى الفرنك الإفريقي الموروث عن الاستعمار الفرنسي.

ويرتبط المصرف المركزي لدول غرب إفريقيا مع بنك فرنسا باتفاقيات تعاون، تتضمن إيداع جزء من احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك الفرنسي، إذ تضمن فرنسا فرنك الاتحاد المالي الإفريقي.

شروط العملة

صحيفة "ذي كونفرسيشن" البريطانية رأت أنه لابد من توفر بعض الشروط حتى تنجح العملة متعددة الأطراف، منها ضرورة المواءمة الصارمة للسياسات الاقتصادية وسياسات الميزانية بين الدول المشاركة، لضمان استقرار قيمتها ومنع اختلال التوازن التجاري.

كما أنه لا بد من تشكيل مؤسسات قوية مسؤولة عن إدارة العملة، مثل البنك المركزي المشترك، والذي يجب أن يتمتع بالسلطة الكافية لتنفيذ سياسة نقدية مستقلة ومستقرة، ما يضمن الحفاظ على قيمة العملة ومعالجة التقلبات الدورية.

وكانت هذه البلدان الثلاثة جزءًا من الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا منذ عام 1963، ومن الناحية النظرية، فإن هذا من شأنه أن يمنحها بعض الخبرة في تنسيق السياسات الاقتصادية والنقدية من خلال فرنك الاتحاد المالي الإفريقي.

قد لا يتم تنفيذ خطة إطلاق عملة جديدة لتحل محل فرنك الاتحاد المالي
مخاطر المبادرة

ورغم المخاطر التي تنطوي عليها هذه المبادرة، إلا إنها يمكن أن تحقق فوائد عديدة، إذ من الممكن أن يؤدي إنشاء منطقة نقدية أكبر إلى تعزيز التكامل التجاري وتحسين تخصيص الموارد، كما أنه من الممكن أن يعزز "مرونة" البلاد في التعامل مع الشركاء الخارجيين.

ومن خلال الانضمام إلى اتحاد نقدي جديد، يمكن للبلدان الثلاثة أن تستفيد بشكل كبير من زيادة التكامل التجاري، والاستقلال عن الشركاء الخارجيين، وانخفاض تكاليف المعاملات، وجاذبية المستثمرين.

ومع ذلك، فإن هذه المبادرة تنطوي أيضًا على مخاطر، خاصة في ما يتعلق بوضعهم داخل الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، إذ يمكن للأخيرة أن تنظر إلى إنشاء عملة جديدة على أنه تهديد لنفوذها الإقليمي.

تفتيت التكتلات

كما أنه من الممكن أن يتسبب في تفتيت التكتلات الاقتصادية القائمة، بالإضافة إلى ذلك، فإن رحيل الدول الثلاث يمكن أن يضعف صلابة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من جهة النفوذ الاقتصادي والسياسي.

كما أن هناك أيضًا مخاطر أن تفقد العملة قيمتها بسرعة، إذ من الممكن أن تنخفض قيمة العملة الجديدة مقابل الفرنك الإفريقي، وقد يكون لهذا تداعيات سلبية كبيرة على المصدرين إلى بلدان الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا الأخرى.

تأثير العملة الجديدة في التجارة

ويمكن أن يكون لإنشاء عملة جديدة من قبل هذه الدول الثلاث تأثير سلبي على تجارتها مع دول داخل الكتلة الحالية، بل ويمكن أن يؤدي إلى بعض الاضطرابات في التجارة مع دول خارجها.

وخلال الفترة الانتقالية، قد تكون هناك تقلبات في أسعار الصرف، ما يؤدي إلى تباينات بين العملات القديمة والجديدة، ويمكن أن يؤثر على القدرة التنافسية السعرية بين المصدرين والمستوردين ويقلل الحجم الإجمالي للتجارة.

سيناريو العزلة

وتعد تصورات ومواقف الشركاء الخارجيين مهمة عند الإعلان عن العملة الجديدة، إذ قد يبدي بعض الشركاء التجاريين ترددًا أو يعربون عن شكوكهم بشأن موثوقيتها ومصداقيتها، وهو ما يمكن أن يقلل من استعدادهم لمواصلة التجارة مع الدول الأعضاء في المنطقة.

وقد يثير إنشاء عملة جديدة من قبل هذه الدول الثلاث تساؤلات حول عزلتها المحتملة، ومع ذلك، لا ينبغي أن تؤدي مثل هذه المبادرة تلقائيًا إلى قطيعة دبلوماسية أو تهميش كامل.

ولتجنب ذلك، فإن التواصل الاستباقي والتعاون البناء والتكامل الاقتصادي الإقليمي المتوازن والشامل أمر أساسي، وسيساعد ذلك في التخفيف من مخاطر العزلة بالنسبة لبوركينا فاسو ومالي والنيجر في مشروعها النقدي، وفق "ذي كونفرسيشن".