الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عودة "الكوليرا".. نذير شؤم لإقليم شرق المتوسط في 2022

  • Share :
post-title
أرشيفية

Alqahera News - سمر سليمان

مثّلت عودة عدوى الكوليرا إلى واجهة الأمراض في عام 2022 نذير شؤم لعام تطلع إليه العالم بآمال نحو الخروج من جائحة كوفيد-19، التي أثقلت كاهل اقتصاداته وهددت تعافي الحياة، على مدار عامين متتاليين، لتأتي الكوليرا من قلب الفقر المدقع الذي طفح في عدد من بلدان إقليم شرق المتوسط، وباتت 8 بلدان من بين 22 بلدًا في الإقليم شرق تحت وطأة الكوليرا، بعد غيابها لنحو 13 عامًا، إذ ظهرت مجددًا في أفغانستان، باكستان، إيران، العراق، سوريا، وأخيرًا لبنان.

ما الكوليرا؟

الكوليرا عدوى حادة تنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة ببكتيريا الكوليرا، تترك أعراضًا أخطرها الإسهال الحاد والذي يؤدي إلى الجفاف شديد وبالتبعية الموت في غضون ساعات حال لم يتلق المصاب العلاج المناسب، وتصيب الأطفال والبالغين على حد سواء ما يجعلها تهديدًا عالميًا للصحة العامة، وانتشارها يعد مؤشرًا على انعدام المساواة وانعدام التنمية الاجتماعية في البلاد، وفق توصيف منظمة الصحة العالمية.

وتعود عدوى الكوليرا بالأساس إلى القرن التاسع عشر، إذ انتشرت وقتها في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الجانج بالهند، وحصدت على مدى ست جوائح أرواح الملايين من البشر في جميع قارات العالم، إلى أن عادت واندلعت مرة أخرى في الجائحة الحالية وهي السابعة في الترتيب، بجنوب آسيا عام 1961 ووصلت إلى إفريقيا في عام 1971 ثم إلى الأمريكتين عام 1991، وتوطنت بالعديد من البلدان وتعافى منها البعض الآخر إلى أن عادت من جديد ببعض البلدان العربية في عام 2022.

تغير المناخ مهّد طريق العودة

يمثل توفر المياه ومرافق الصرف الصحي المأمونة أمراً حاسمًا للوقاية من الكوليرا، وبالمنطق عدم توفرهما يجعل من البيئة المحيطة موطنًا خصبًا لانتشار العدوى، لكن تغير المناخ العالمي كان له بالغ الأثر على دول نأت بنفسها قبل أكثر من عشر سنوات بعيدًا عن هذه الأوبئة المتوطنة، إذ كان لانخفاض تدفق الأنهار في هذه البلدان، وبالطبع جفاف البعض الآخر، في أسوأ تأثير قبل أن تدركها الحرائق، سبب أساسي في عودة العدوى للانتشار، ناهيك عما فعلته الحرب والأزمات الاجتماعية ببعض هذه الدول، والتي كان لها أثر أبلغ على الصحة العامة هذا العام.

بعد غياب 30 عامًا.. لبنان أحدث المتضررين

يعد لبنان البلد الأحدث في تسجيل الإصابة بعدوى الكوليرا، بعد أن امتد لسبعة بلدان في الإقليم، بدءًا من يونيو العام الجاري حيث سجلت أولى الإصابات في أفغانستان، ثم امتد المرض إلى باكستان، إيران، العراق، وسوريا، وفق منظمة الصحة العالمية، وسجّل لبنان أول حالة إصابة بالكوليرا في أوائل أكتوبر من عام 2022، وهي الأولى منذ 30 عامًا.

ومثّلت مخيمات اللاجئين السوريين، غرب لبنان، بؤرة انطلاق العدوى وانتشارها في لبنان، إذ تعاني المنطقة بالفعل من نتائج الأزمات الاقتصادية وما تسبب به من عقبات في الوصول إلى المياه النظيفة وإرهاق القطاع الصحي هناك.

وأعلنت وزارة الصحة في لبنان، في أحدث إحصاء على موقعها الرسمي، في 21 ديسمبر 2022، رصد 5411 حالة اشتباه بالعدوى، ثبُت منها 663 إصابة بالكوليرا، إضافة إلى 23 حالة وفاة.

وضع خطير في سوريا

تشهد المناطق الشمالية والشمالية الغربية في سوريا، منذ سبتمبر الماضي، تفشيًا كبيرًا للكوليرا، بعد أن ارتبطت بؤرة المرض في بادئ الأمر بتلوث المياه قرب نهر الفرات، إلا أن النقص الحاد في المياه شمال البلاد فاقم أزمة العدوى والتعامل معها، ووفقًا لمكتب منظمة أطباء بلا حدود في سوريا، تم الإبلاغ عن أكثر من 13 ألف حالة مشتبه بها في البلاد، بما في ذلك 60 حالة وفاة، حتى منتصف أكتوبر 2022.

أيّدت البعثة الأوروبية في سوريا هذا الإحصاء، بالإعلان عن أكثر من 13 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في 13 محافظة سورية بحلول أوائل أكتوبر 2022، بينما أفادت منظمة الصحة العالمية بتفشي الكوليرا في 10 محافظات، محذرة من خطورة الوضع، وسط تسجيل 33 وفاة و426 إصابة، وفق التقديرات الرسمية.

آلاف الإصابات في العراق

شهد العراق انتشارًا مفاجئا لوباء الكوليرا في يونيو الماضي، إذ أعلنت السلطات في إقليم كردستان، تسجيل الآلاف من حالات الإصابة بالمرض، خاصة في محافظة السليمانية حيث تستقبل المستشفيات عشرات المرضى يوميًا، وبحسب وزارة الصحة العراقية تجاوزت إصابات بالكوليرا 1100 بينها 5 وفيات، فيما تبذل الجهود للسيطرة على المرض، وتقديم العلاج للمصابين.

إيران

وبالتزامن مع تفشي العدوى في العراق، انتقلت سريعًا إلى المحافظات الغربية لإيران، وتجاوز عدد الإصابات 50 حالة وفق آخر إحصاء رسمي.

باكستان

منذ يونيو الماضي، تشهد باكستان تفشيًا قاتلًا لمرض الكوليرا، أصاب الآلاف في وسط البلاد، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة مياه فاقمتها الفيضانات والمياه الراكدة، التي تمثل بيئة خصبة لعدوى الكوليرا، ويواجه إقليم السند زيادة كبيرة في الإصابات، حيث تم الإبلاغ عن 234 حالة مؤكدة مختبريًا في الفترة من 15 يناير إلى 27 مايو، كما أبلغت مقاطعتا بلوشستان والبنجاب عن 31 و25 حالة إصابة مؤكدة بالكوليرا على التوالي، وفق موقع منظمة الصحة العالمية.

أفغانستان.. الأسوأ

يمثل وضع عدوى الكوليرا في أفغانستان الأسوأ بين بلدان الإقليم، إذ أكدت وزارة الصحة الأفغانية إن عدد المصابين بمرض الكوليرا ارتفع خلال أشهر يونيو ويوليو وأغسطس من عام 2022، لأرقام قياسية في 10 ولايات معظمها جنوبية وشمالية.

وأكدت الصحة الأفغانية أن الوضع خطير في الجنوب، حيث تواجه المستشفيات قلة الكوادر الطبية والدواء، وعدم توفر خدمة إيصال المياه الصالحة للشرب إلى المنازل، حيث يعتمد أهالي القرى والأرياف على الأحواض المائية والمياه الجارية، ووفق أرقام رسمية فإن 42% من الأفغان لا يستطيعون الحصول على المياه الصالحة للشرب.

تقديرات عالمية للكوليرا في 2022

تشير تقديرات الباحثين إلى وقوع عدد يتراوح بين 1.3 مليون و4.0 ملايين إصابة بالكوليرا سنويًا، وإلى تسبُّب الكوليرا في وفيات يتراوح عددها بين 21 و134 ألفًا في جميع أنحاء العالم، وفق الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.