شهد شهر أكتوبر الجاري تصعيدًا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، كان آخره استشهاد مواطنين وإصابة ثالث برصاص الاحتلال، فجر اليوم الجمعة، بينما اُعتقل رابع بعد إصابته، بالقرب من حاجز حوارة العسكري، جنوب نابلس، كما اُستشهد في نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر، أربعة فلسطينيون بنيران الجيش الإسرائيلي قرب جدار الفصل في مدينة قلقيلية، وبعدها بأيام اُستشهد شابان آخران في مخيم جنين للاجئين، ويرسخ القتل "شبه اليومي" للفلسطينيين، والمتواصل بكل شدته، لعقيدة إسرائيلية، مفادها أن الدم الفلسطيني هو الطريق السهل للساسة الإسرائيليين، من الكتل اليمينية واليسارية، للوصول إلى "الكنيست" وحصد أصوات الناخبين الإسرائيلين بأرواح الفلسطينيين.
"هآرتس": الحكومة الإسرائيلية مسئولة عن جرائم قتل الفلسطينيين
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن "أعداد الشهداء الفلسطينيين تستوجب مراجعة، كما يجب فحص أعمال الجيش الإسرائيلي العملياتية في الضفة الغربية، مؤكدة أن مسؤولية جرائم قتل الفلسطينيين لا تتوقف عند الجيش الإسرائيلي، فالحكومة تتحمل مسؤولية أعمالهم"، ويتأكد الاشتباه من تلقاء ذاته بأن يائير لابيد رئيس الوزراءالإسرائيلي، وبيني جانتس وزير الدفاع، يسعيان قبيل الانتخابات ليثبتا للمقترعين بأنهما ليسا ضعيفين في شؤون الأمن، مثلما يتهمهما معسكر اليمين الإسرائيلي كل صباح ومساء.
المستوطنون يرتكبون أعمال العنف والاستفزاز والتحريض ضد الفلسطينيين
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية، في مقالها الافتتاحي، قبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية المقرر لها أول نوفمبر المقبل، أن المستوطنين الإسرائيليين، كعادتهم، هم الذين "يصبون الزيت على النار"، سواء بأعمالهم العنيفة ضد الفلسطينيين أو بإطلاق شعارات عابثة في الطرقات، أو بتحريض الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، مشيرة إلى أن مثل هذه الأمور يكون لها صدى خاص في أوقات الانتخابات، وأن المستوطنين يعرفون جيداً كيف يستغلون اللحظة المناسبة.
"نتنياهو" يسعى للعودة إلى الحكم
وتشهد إسرائيل في الأول من نوفمبر خامس انتخابات في أقل من أربع سنوات، ويسعى رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو من خلالها للعودة للحكم، بعد أن دخلت إسرائيل دائرة مفرغة من الانتخابات منذ عام 2019، وهو نفس العام الذي شهد توجيه لائحة اتهامات لـ"نتنياهو" تتضمن قضايا فساد، رغم نفيه لها. ويأمل الناخبون هذه المرة في كسر حالة الجمود بين السياسي الأكثر هيمنة في جيله ومنافسيه الكثيرين، بحسب "رويترز".
إحصائيات تتجاهل الفلسطينيين
ويقول الدكتور درور فيتلسون الأستاذ في الجامعة العبرية، المختص بجمع البيانات والإحصائيات، إن تقارير "الشاباك" (جهاز الأمن الإسرائيلي) الشهرية تركز على نشاطات الفلسطينيين ضد الإسرائيليين، لكنها تتجاهل تماما ما يتعرض له الفلسطينيون من عمليات قتل، لتظهر القصة من جانب واحد.
ويؤكد "فيتسلون"، في ورقة بحثية نشرها موقع "زمان يسرائيل"، إن الأرقام التي تحتفظ بها قاعدة بيانات مؤسسة "بتسيلم" (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان)، والتي تشمل القتلى الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين، مع تضمين العرب الإسرائيليين مع الفلسطينيين (أعدادهم منخفضة نسبيًا)، تظهر البيانات أن هناك 20 قتيلا فلسطينيا مقابل كل قتيل إسرائيلي مشيرا إلى أن هذه الأرقام تمثل فجوة كبيرة، كما أن هناك فجوة مماثلة في بيانات المصابين أكبر بكثير.
حروب واقتحامات قبل الانتخابات الإسرائيلية
ويستخدم الزعماء السياسيون والعسكريون في إسرائيل قتل الفلسطينيين وشن الحروب واقتحام الأماكن المقدسة الفلسطينية، لكسب أصوات الناخبين، ليظهروا أنهم المدافعون عن الأمن للكيان الصهيوني، ويميل الناخب الإسرائيلي إليهم، ونجد هذا جليًا في أكثر من انتخابات سابقة، ففي انتخابات عام 2001 أصبح آرييل شارون رئيسًا للوزراء الإسرائيلي بعد شهور من اقتحامه باحات المسجد الأقصى، وتسبّبه في الانتفاضة الفلسطينية، التي اُستشهد خلاها الكثير من الفلسطينيين.
وفي عام 2008، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلية عملية "الرصاص المصبوب" ضد قطاع غزة قبل ستة أسابيع فقط من انتخابات "الكنيست" والتي أسفرت عن نجاح إيهود أولمرت رغم أن تحقيقات فساد كانت تلاحقه، فكانت الحرب على غزة هي الطريق لأصوات الناخبين وتجاهل ملاحقات الفساد، واستشهد في هذه الحرب أكثر من 1430 فلسطينيًا، وأصيب أكثر من 5400 آخرين، بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة.
والأمر نفسه حدث العام الماضي، فمع استمرار أزمة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل السابق، بعد عدم تمكنه من تشكيل حكومة ائتلافية، ومن ثم وقف الملاحقات القضائية ضده بتهم الفساد، عمل على استقطاب اليمين المتطرف من خلال السماح للمستوطنين بدخول المسجد الأقصى وإقامة الطقوس الدينية اليهودية، ووقعت العديد من المواجهات مع الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي كانت تحمي المستوطنين الإسرائيليين. كذلك استولى مستوطنون على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح، ما ساهم حينها في منع الإطاحة بـ"نتنياهو"، بعد أن كان تحالف زعيم المعارضة يائير لابيد رئيس حزب "يش عاتيد" (هناك مستقبل) ونفتالي بينيت زعيم حزب "يمينا" هما الأقرب للفوز بالانتخابات.
وأسفر التصعيد الإسرائيلي حينها عن 250 شهيدًا فلسطينيًا وأكثر من 5 آلاف جريح، كما دمرت إسرائيل بنية تحتية فلسطينية في معركة استمرت 11 يومًا، وتُظهر استطلاعات الرأي في إسرائيل أن النصر الكاسح لن يكون من نصيب "نتنياهو" ولا منافسه الأبرز رئيس الوزراء يائير لابيد. ومن المتوقع أن يكون حزب "الليكود" اليميني بزعامة "نتنياهو"، رغم ترنحه في استطلاعات الرأي، هو الفائز بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان.
وبدعم من الأحزاب اليمينية المتشددة والدينية المتزمتة التي تؤيد شغله لمنصب رئيس الوزراء، يبدو أن نتنياهو (73 عاما) على أعتاب ضمان أغلبية برلمانية ترفعه لسدة الحكم، وفقا لـ"رويترز".
وتدفع نتائج تلك الاستطلاعات "لابيد" إلى استخدام العنف ضن الفلسطينيين قبل الانتخابات المقبلة، لكسب المزيد من الأصوات ومنع "نتنياهو" من العودة للحكم، خاصة أن اليمين بقيادة "نتنياهو" يتهم "لابيد" اليساري بضعف قبضته الأمنية وعدم قدرته على السيطرة الأمنية.